اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق

شخصيا اشتقت إلى وجوهكم اللطيفة، المستبشرة دوما وأبدا. لا أدري بالضبط أين اختفيتم. يبدو أن الكراسي التي جلستم عليها كانت تمتلأ بمادة لاصقة، فعجزتم عن النهوض وزيارتنا ثانية.. خسارة!
كانت أيام الانتخابات أياما زاهرة نتذكرها بحنين شديد، أياما رأيناكم فيها رأي العين كل دقيقة بل كل ثانية. بعضنا لم يصدق الأمر ففقد الوعي من فرط الوله، والبعض الآخر جمع كل ما في منزله من أوراق كي توقعوا عليها كي يحتفظ بذكري تلك الأيام الجميلة ليس إلا!
طرقتم أبواب منازلنا صباحا و مساء، وفي منتصف الليل أيضا، فقط كي تعانقونا وتذكروننا بحبكم لنا. وقد اعترفنا لكم أننا أيضا نحبكم. فكل ممنوع مرغوب، ونحن كنا ممنوعين عن رؤيتكم لسنوات طوال عجاف، لذا كنا نعتبر رؤية وجوهكم فتحا عظيما وكنا نتبرك بها ونرجو الله أن يسامحكم على تعذيبكم لنا بحبكم الشديد. فالحب كما الكراهية.. قد يعذب صاحبه بشدة. وهذا ما فعلتموه بنا!!
أغتنم الفرصة كي أشكركم على ما بذلتموه من أجلنا وعلى سهركم الطويل و جولاتكم التي لم تكن تتوقف لبيوتنا وأحيائنا، فقط كي تحضنونا وتسألوننا ماذا نريد وكيف نريده؟
طلبنا منكم مئات الأشياء و عرضنا عليكم آلاف الأمنيات التي وعدتم بتحقيقها جميعا وعلى شفاهكم ابتسامة الواثق الذي لا تنقصه الحيلة ولا الإمكانيات.
أمنياتنا في الواقع كانت بسيطة جدا لدرجة السذاجة: فقط طرقات يمكن أن يمشي فوقها البشر، و دفاع عن مصالح أناس لا يفهمون معنى كلمة "انتخابات" نفسها، وبضعة أشياء أخرى نسيتموها وتذكرناها.
نعذركم طبعا على نسيانكم، فمشاغلكم لا تحصى ولاتعد، وهناك توقيعات وأراضي في الانتظار وملايين تسيل اللعاب، وهي كلها أهم من مواطن يمتلك قدما واحدة ولا يجد ما يتعشى به مثلا. لا يتناطح كبشان حول أن الأولى أهم من الثانية.
ربما لو كان هذا المواطن يباع مثلا، لازدادت قيمته في بورصة البيع والشراء، لكنه للأسف أينما توجهه لا يأتي بخير.
تابعنا في طفولتنا مسلسل الرجل الخفي، الذي كان يضع قبعته على رأسه ويختفي عن الأنظار. وكم تمنينا أن نكون مثله فقط كي نسرق علب دانون من البقال وبضع قطع من الحلوى. كبرنا وعلمونا في البيت والمدرسة أن السرقة عيب وأن السارق إنسان دنيء، هكذا نسينا كل شيء عن الرجل الخفي وآمنا أن المبادئ هي كل شيء ولبسناها بدل القبعة.
أما أنتم فيبدو أنكم احتفظتم بالحلم مدة طويلة، وتدبرتم أمر الحصول على القبعة بشكل ما. هكذا، تنزعون القبعة بمجرد ما تبدأ الحملة الانتخابية، وبعد الفوز تعيدونها إلى رؤوسكم لتتسلوا بخطف كل ما نملك دون أن نراكم لا في أماكن عملكم و لا حتى في أي مكان. يبدو أن القبعة تؤدي عملها بشكل جيد.
على أية حال، بالصحة والعافية، فقط حاولوا أن تعيدوا القبعة من حين لآخر، فقد اشتقنا لكم كثيرا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطاكسي كحال

أنا... أنا... أنا

كل الطرق تؤدي إلى... طنجة