الطاكسي كحال

لنا جميعا مع الطاكسي الكبير حكايات وحكايات. أذكر جيدا أيام كان التاكسي الكبير أسود اللون. عندما كان درهم واحد ثم درهم ونصف كاف جدا لتركب من مقهى عبد الرحمن إلى السوق دبرا، وبخمسة ركاب فقط في الطاكسي الواحد.

كان الركوب في التاكسي أيامها في حد ذاته متعة كبيرة، وكان مجرد التنقل من السوق دبرا مثلا إلى مقهى عبد الرحمن عملية تستحق أن نقول من أجلها : "شباعنا الركيبات".

مرت السنون والأعوام ولم يتغير موقع الطاكسيات الكبيرة في مقهى عبد الرحمن لكنه تغير في السوق دبرا أكثر من مرة، و أصبح يتكدس في الطاكسي 6 أشخاص يدفع كل منهم ثلاثة دراهم.

ورغم أن الجميع يعرف أن المقعد الخلفي للطاكسي يسع أربعة أشخاص فإنك دائما تفاجأ بمن ينظر إليك بغل وحنق عندما تفتح باب الطاكسي الخلفي وتهم بالصعود لإكمال النصاب، بعد أن تكون قد لاحظت أن الطاكسي ينقصه راكب واحد.

وتعظم المصيبة عندما تلتقي بأحد المتعنتين الذي يأبى التحرك، وإن أرغمه السائق فإنه يتحرك ملمترات فقط ويترك لك مسافة خمسة سنتمترات لتضع فيها حوضك، كأنك مسمار ولست شخصا. "الله يهدينا على باعطنا والسلام".

ربما من المفترض أن تفتح الباب وتنحني على أذن مثل هؤلاء الأشخاص وتصرخ: "هاد الطاكسي كايهز 6 د الناس".

طبعا هو يعرف هذا، لكن لا بد من أن نسود الدنيا في عيون بعضنا البعض قبل أن نفعل أي شيء، ولا بأس بشجار مثير من باب التسلية وتمضية الوقت.

أجمل ما في الطاكسيات الكبيرة هي حلقات النقاش التي تفتح فجأة وبدون مقدمات في أحد الموضوعات، حيث يشرق الجميع ويغرب دون توقف لا في الإشارات الحمراء و لا الوردية. الكل يصبح حكيما فجأة وطيبا ويفهم في جميع شؤون الدنيا والدين. طبعا بمجرد ما ننزل نعمل عكس ما كنا نقول به.

لاحظ، مثلا، أن جميع الركاب - عندما تكون حادثة ما على وشك الحدوث بسبب خطأ السائق – يلومون السيارة الأخرى ويلوحون بأيديهم ويسبون ويلعنون. بينما الأعمى نفسه قادر على رؤية الحقيقة.. وهي أن سائق الطاكسي كان سيقتل الجميع بسبب لحظة شرود أو تهور. لكننا معا، إذن نحن على حق والآخرون على خطأ.

الشخص الجالس قرب السائق يكون دائما هو الأكثر معاناة من الجميع، لأنه عليه أن يتماسك أولا كي لا تطوحه الالتفافات السريعة للطاكسي يمنة ويسرة، خصوصا أنه لا يملك أي مقبض يمسك به. كما عليه أن يحاول ما أمكن أن يبتعد عن ذراع السرعة الذي يستعمله السائق كل ثانية، لذا عندما ينزل المسكين من الطاكسي يكون ظهره قد انقصم وساقه قد تنملت من التيبس.. "التكرفيسة دبصاح" !

لانستطيع أن نطالب بأن يتم تقليل عدد الركاب إلى خمسة وإلا كنا حمقى. سائقو هذه الطاكسيات هم آباؤنا و إخواننا وأبناء هذه المدينة العزيزة، فإن تم اتخاذ قرار كهذا فسيعانون فعلا من نقص الدخل اليومي وهو أمر لا يريده أي أحد لنفسه.. لذا لا يستحيل أن نتمناه للسائقين.

آسيدي هاحنا صابرين.. 5 دقايق تدوز تدوز..

تقول الحكمة الجديدة:

ليس مهما أن تصل بظهر مقصوم و رجل منملة... المهم هو أن تصل في الوقت المناسب!

احفظوا هذه الحكمة الجديدة فسترددها الأجيال القادمة كثيرا.

تعليقات

  1. تحية الى اخي عبد الواحد الستيتو وبالفعل رجعت بي الى زمان الصغر والطفولة
    طنجة عروس الشمال لا يمكن لغير الطنجاوي الذي عاش أيام إزدهار طنجة الشعور بما قاله الأخ ستيتو، كانت طنجة مدينة غريبة فهي مدينة أوروبية و مدينة مغربية في نفس الوقت

    هاهاهاهاهاهاهاهاها
    ليس مهما أن تصل بظهر مقصوم و رجل منملة... المهم هو أن تصل في الوقت المناسب!

    ردحذف
  2. شكرا لكي اخي على هذه المواضيع التي تعبر عن واقع مدينتنا الجميلة,حقا شيء محزن,انا أخشى أن يأتي يوم يختفي فيه جمال طنجة و ناسها و لهجتهاالطنجاوية و تعود كسائر المدن
    الله يحفظ و سلام

    ردحذف
  3. المشكلة أين هي سيارة الاجرة وأين هو السائق النزيه الذي يتوقف للنساء والاطفال والعجزة.أغلب الطاكسيات إن لم نقل كلهم بصنفهم الصغير والكبير )لا يقفون إلا للفتيات الساقطات او للشخص الفرد الواحد حتى تسنح له فرصة حمل ثلاثة اشخاص مختلفي الوجهات،علاوة على ذلك يفضلون الذهاب للبلايا واماكن الفسق والفجور على الذهاب لاماكن الدراويش والاحياء الشعبية.وتجدهم يكثرون من الشكاوي وهم اكبر ولاد الحرام...وزد على ذلك كثير وكثيرمن طغيانهم وجبروتهم فتراهم في الصباح او المساء مصطفين في السوق دبرا والناس المساكين مشتتين بالعشرات في الاحياء الشعبية ينتظرون اصحاب الطاكسيات ان يشفقوا عليهم ويقلونهم إلى وجهاتهم،إلا أنهم يرفضون ذلك بدعوى انه لا يستطيع ان يضرب الخاوي ويفضل التزافيطة والتسلكيطة في النوبة على رحمة الوالدين من افواه الدراويش.ناهيك عن طيشهم في القيادة متسببين في العديد من حوادث السير لسيارات نقية (لا حول لهم ولا قوة) مستغلين في ذلك سياراتهم المهترئة والرخيصة الثمن........الخ

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا... أنا... أنا

كل الطرق تؤدي إلى... طنجة