ساحة الأمم... الثقافية


في زيارة صيفية قصيرة لمدينة بروكسيل البلجيكية وجدت أن ساحة La grande place بالمدينة تتحول إلى مهرجان تلقائي لعدد من الطلبة أو المبدعين في عدد من المجالات الفنية والثقافية، وكل واحد يغني على ليلاه.. الموسيقيون، وأغلبهم من أوروبا الشرقية، يمسكون بآلاتهم ويحاولون ما أمكن أن يطربوا الواقفين.. من راقه الأمر فليقدم بين يديهم بضعة أوروات و من شعر بالملل فلينصرف.. هناك شخص مصبوغ بالأبيض بكامله ولديه موهبة التيبس كي يبدو كتمثال. تريده أن يتحرك؟ ضع أورو في يده وسيمن عليك بحركة خفيفة ثم يتوقف في انتظار أورو جديد.. وهكذا.
على بعد خطوات فقط، تجد رساما مبدعا يرسم لك بورتريه بقلم الرصاص في دقائق معدودة.. كي تجد ما تعلقه في غرفتك كذكرى ذات قيمة حقيقة. و مازال في جعبة الحاوي الكثير والكثير.
كل هذه العروض تجد شبيها لها في ساحة "الرامبلا" ببرشلونة وفي ساحة المدينة بمدينة أنتويرب البلجيكية والتي لا أذكر اسمها بصراحة.
طيب، ما علاقة كل هذا بطنجة؟
علاقته أن بمدينة طنجة ساحة رائعة مناسبة لمهرجان ثقافي دائم، أو صيفي على الأقل، يشبه ما يوجد في المدن التي ذكرت.. يمكن لمبدعي المدينة أن يعرضوا فيه مواهبهم وإبداعاتهم بشكل منظم ومقنن، أو في نوع من الفوضى المنظمة.
هذه الساحة هي ساحة الأمم طبعا، والتي يمكن أن تتحول إلى ساحة مشهورة وتصبح رمزا من رموز مدينة طنجة عالميا، ويمكن أن يأتيها الزوار من كل أنحاء العالم إن أحسنت دراسة الفكرة ثم تنفيذها.
مبدئيا، الفكرة هي أن تفتح الساحة في وجه مبدعي المدينة – خصوصا الشباب- ذوي المواهب الثقافية، الرياضية، الفنية، لعرضها بشكل عفوي في ساحة الأمم.. فلمدينة طنجة إرث ثقافي ضخم يمكن أن يعرض بشتى الأشكال الفنية على الزوار وحتى على الطنجاويين أنفسهم الذين لا يعرفون مدينتهم جيدا.
تدريجيا، أعتقد أن شهرة الساحة قد تنتقل إلى الصعيد العالمي إن أحسن تنفيذ الفكرة وتحولت الساحة إلى مكان تعريفي بهذه المدينة الأسطورة من جهة، ومكان لاستقطاب مهرجانات ثقافية عفوية من شتى أنحاء الأرض.
طبعا تنفيذ الفكرة موكول إلى السيد مندوب وزارة الثقافة رشيد أمحجور الذي نرجو أن يدرس الفكرة جيدا ويحاول ما أمكن تطبيقها ولو على المدى القصير بشراكة مع الجهات الأخرى، وذلك فقط بفتح الساحة – قانونيا – في وجه مبدعي هذه المدينة الذين تناسب مواهبهم الفكرة، ويمكن أن تعرض على الملأ بشكل فني، كي لا يتحول الأمر إلى سوق شعبي بعد أن كانت الفكرة هي أن يرقى بالذوق العام.
هذا الطلب موجه أيضا إلى مسئولي المدينة وبرلمانييها كي يدرسوا الفكرة جيدا ويحاولوا نقلها إلى أرض الواقع، فهي فكرة واضحة وسهلة التنفيذ شرط أن يكون الأمر مقننا زمكانيا بشكل جيد كما قلنا.
تريدون أمثلة على من وما يمكن أن يعرض هناك؟
الفنون بكل أنواعها، العروض الترفيهية، الرياضات الفردية الاستعراضية، القراءات الشعرية والقصصية، عروض عن تاريخ المدينة والوطن ككل... إلخ.
هكذا، بدل أن نجد يوميا آلاف الشجارات بين شباب المدينة لأنهم يشعرون بالملل ولا يجدون ما يفعلونه، سنجد بعضا منهم على الأقل قد جاء يخرج طاقته بشكل إبداعي فيفيد ويستفيد.
هل تبدو لكم الفكرة منطقية أم أنني أهرطق ؟

تعليقات

  1. فعلا يبدو موضوعا يستحق الدراسة و التنفيد ..

    ردحذف
  2. شكراً على مقالاتك القيمة. هنا طنجاوي في أوربا للإجابة على مقالك الأخير.
    في ما يخص الساحات التي تتكلم عليها في بركسيل و برشلونة فيجب معرفة الأمور الآتية:
    المستعرضون ليسوا منظمين رسمياً ، بل يسود بينهم الحس العام هو الذي يترك الأمور تسير على مايرام، تخيل لحظةً إن لم يكن هذا الحس كيف ستكون الوضعية.
    الساحات المذكورة هي المناطق التي تعرف أكبر نسبة سرقة في كلتا المدينتين نظراً للفت الإنتباه للعروض،حيث أصبحت قبلةً للصوص.
    الساحات المذكورة متواجدة في المركز التاريخي للمدن المعنية أي في مناطق سياحية محضة بعيدة بشكل منطقي عن الشرايين الطرقية للسيارات وتتميز بكونها بما يعرف ب "rues piétonnes".
    لهاته الأسباب لا أحبذ فكرتك رغم أصليتها. في المغرب نتوفر على ساحة من نفس النوع مشهورة عالمياً ألا و هي ساحة جامع الفنا ، كباقي الساحات المذكورة، ظهور التجمعات و المستعرضين فيها راجع لأسباب تاريخية، و لا لقرارات مسؤولين أو تخطيطات إدارية.

    ردحذف
  3. السلام عليكم ..اخي ولله افكارك جميلة جدا

    ولكن من احسن ميعملوهاشي منقصينشي المشعوذين

    وسراقين كفاية السمعة اللي داوها السياح على مغاربة من جامع الفنا
    احنا معندناشي التنظيم العقلية دناس ديالنا ماشي بحال هاديك ناس

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كل الطرق تؤدي إلى... طنجة

مع مجموعة من الأصدقاء في مدينة حماة السورية

الطاكسي كحال