المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٠

أقـــــــدار - قصة قصيرة

مدينة طنجة، الساعة الثانية زوالا – يوليو 2005: لم يكن هناك سوى التعب و بعض ألم في الجانب الأيسر من ظهره. لم تفلح محاولات زوجته اليائسة في إنهائها بالتدليك منذ شهور. يدها حانية لكنها لم تغير شيئا. العرق يجعله يكره كل شيء في هذا العالم بما في ذلك تلك المحفظة الثقيلة التي بدأ مؤخرا يعلقها في كتفه الأيمن تجنبا لازدياد الألم. هذه هي المرة الألف بعد المليون التي يفكر فيها برمي كل ماحوته من رسائل في أقرب بالوعة، لكنه يستفيق من أحلام يقظته و هو يرمي مظروفا جديدا تحت باب حديدي آخر. - عبد الحميد العيساوي، حي السعادة – زنقة 10 – طنجة. قرأ العنوان و قلب المظروف في يديه في تعاسة و رفع رأسه كي يتأكد من الرقم مجددا ثم رماه في تلك الفتحة الصغيرة السفلى وواصل عمله. فقط كانت هناك فكرة صغيرة تدور في رأسه مرة أخرى: ماذا لو رمى كل هذه الأثقال في أقرب بالوعة؟ ****** مدينة طنجة، الساعة الثالثة والنصف عصرا من نفس اليوم : هناك أطفال وأطفال..هناك أطفال أشقياء .. وهناك أطفال مزعجون .. وهناك أطفال كسالى.. و هناك ( مراد)، الطفل الذو السنوات الثمانية..و هو الجهبذ الوحيد الذي استطاع أن يجمع كل هذه المواهب بل أكثر. ن

القنــــــاص - قصة قصيرة

القناص رجل صعب المراس. القناص رجل يطبق كتيب التعليمات بدقة. القناص رجل ينهض باكرا. نعم، هو يحب النوم لأنه يزيد في وسامته. لكنه يدرك أن المهمة التي تنتظره دائما لا ترحم أصحابها. يجب أن تكون جاهزا في مواسم الصيد و في ساعاته المناسبة. عدا هذا، سيعيّرك الآخرون بالتأكيد و يسخروا منك. اليوم، كعادته، استيقظ في السابعة و النصف صباحا. في الثامنة بالضبط كان يجهز عدة الصيد. بعد نصف ساعة، قبل أن يغادر، نظر إلى المرآة و ابتسم ابتسامة رجل راض عن نفسه. هاهو ذا مكانه الذي يعشقه ينتظره. علاقة ود غريبة ولدت بينه و بين هذا المكان. فيه يمارس هوايته التي تحولت إلى حرفة. قلما يخطئ فرائسه من هنا. قلما تخطئ شباكه التي ينصبها ببراعة. طلب قهوته الصباحية و احتساها بكل تلذذ. للقهوة أثرها الفعال جدا في مهمته التي لا يمكن أن تمارسها إلا بنشاط و حيوية. هاهي ذي ضحيته قادمة في الموعد بالضبط. لقد راقبها لثلاثة أيام. ** ** ** النصيحة الأولى في كتيب التعليمات : أهم ما ينبغي أن يميز الضحية، أي ضحية: الضــــعف. ... القناص، بخبرته، عرف أنها ضعيفة، مهزوزة. باختصار، هي تحتاج إليه. قبل أن تمر أمامه بحوالي عشرين مترا تقريبا بدأ

القاهرة.. مرة أخرى

القاهرة من جديد. مدينة الألف مئذنة. أشعر بالغربة هذه المرة. الحنين قاس كطفل أخرق يشد أذنك. فندق الأربع نجوم والمسبح و كرة الطاولة و كل هؤلاء الأصدقاء لم ينجحوا في قتل ذلك الشعور الممض بأن الوطن بعيد فعلا. من الذي قال أن الوطن هو أم تلقمك ثديها، فبمجرد ما تبتعد عنه تبدأ بالبكاء؟ فعلا لا أذكر. "" بسرواله المتهدل دائما يأتي حجازي ليقول لي شيئا ما بلهجته المصرية المحببة جدا فيوقظني من تفكيري. أنفض كل أفكار الاغتراب عن ذهني لأصحو من جديد. درويش يسبح يوميا حتى أخشى أن أجده يوما بزعانف طويلة كأي سمكة تحترم نفسها. -هيا لنصلي الظهر. يقولها حاتم فننهض متثاقلين . ظهيرة رمضان ليست مبهجة إلى تلك الدرجة إن لم يكن لديك ما تفعله. أمسك رواية للدكتور أحمد خالد و أبدأ القراءة وأنا أتململ في فراشي. أحيانا ينتابني هذا الشعور غير المريح بأن شيئا ما ليس على ما يرام و لا أدري سره و لا كنهه. التكييف بالفندق مدمر. لا يفعل شيئا سوى إصابتي بالبرد في كل مرة أشغله. في الأيام الأخيرة استغنيت عنه متحملا حرارة صحراء مدينة السادس من أكتوبر حيث نقيم. أفتح النافذة و أطل على حديقة الفندق حيث أشجار النخيل التي تذ

سارع سارع.. أنت البارع

صدق من قال أن هذا العصر هو عصر السرعة عن جدارة. لكن السرعة تختلف من مكان إلى مكان، وتختلف بالتالي أسبابها ونتائجها. ففي الوقت الذي تتجلى فيه السرعة في الغرب في كل ماهو مفيد من قطارات عالية السرعة وصواريخ تخترق الغلاف الجوي في ثوان إلى محاولات لتجرية الانتقال الآني، كي تصبح عملية التنقل من طنجة إلى نيويورك مثلا تتم في ثانية واحدة عن طريق نقل ذرات الجسد من مكان إلى مكان قبل أن يرتد إلى أحدنا طرفه. نعود من نيويورك على وجه السرعة إلى طنجتنا العزيزة لنسأل أنفسنا: لماذا نسرع في طنجة؟ هنا، نسرع كي لا يسبقنا أحد إلى التاكسي الصغير، حتى لو كان الشارع خاليا تماما ولا يوجد منافس. يتوقف التاكسي على بعد أمتار فنعدو نحوه محطمين رقم الجامايكي "بولت" في مسافة 100 متر. وإن تقدم أحد وسألنا لماذا نجري فسنكتفي بنظرة حائرة كجواب.. "والله ما نعرف"! هنا نسرع بسياراتنا لنتجاوز الآخرين الأوغاد الذين خرجوا من بيوتهم فقط كي يسبقونا. إلى أين؟ لا أحد يعلم للأسف الشديد. في الغالب، سنصطف جميعا أمام إشارة المرور الحمراء ويصبح أولا عبد الواحد كلهم واحد. (ماشي عبد الواحد استيتو طبعا!). هنا نتسابق عل

السمفونية الطنجاوية

هناك سمفونيات وسمفونيات... هناك سمفونيات بيتهوفن الممتعة، وهناك سمفونيات موتزارت الحالمة... وهناك سمفونية طنجاوية لا تسمع بها إلا في طنجة، وخصوصا في فصل الصيف. وخصوصا خصوصا ليلا. تبدأ السمفونية الأولى عندما تضع رأسك على الوسادة متوكلا على الله محاولا أن تنظف قلبك مما علق به من أضغان على بقال الحي، وعلى جارك الذي مر أمامك دون أن يسلم عليك. محاولا ما أمكن أن تلقى الله بقلب سليم إن أمسك روحك وأنت نائم. تبدأ السمفونية بجوق يجرب آلاته قبل أن يبدأ ليلته الساهرة، الجوق الذي يحيي ليلة عرس في الحي الذي يقابلك، لكنه يبدو وكأنه يطبل فوق أذنيك بالضبط. تنظر حولك لتتأكد أن الجوق لم يأت فعلا لغرفتك ليبدأ أغنيته الأولى فلا تجد شيئا.. شكون اللي عراف؟ فالعراسات د الصيف كلشي ممكن. وتمر الساعة تلو الساعة وأنت تتقلب في فراسك وتعلم أن النوم مستحيل فعلا وسط هذه السمفونية الممتعة خصوصا مع الصوت الرائع للمطرب "حالامبوكو" (مين كايجيبو هاد الأسماء؟).. يبدأها بأم كلثوم ويكملها بالشاب بلال والغرامات تتهاوى عليه كالمطر كأنه عبد الوهاب زمانه بينما الفرق بين صوته وصوت السعال لايكاد يذكر. أخيرا، بعد ليلة طوي

فلنضحك جميعا

بحيرة بالغة أشاهد برامج الكاميرا الخفية وسؤال ملح يطاردني دائما وأبدا: ما الذي يجعل الآخرين يبتسمون ببلاهة عندما يخبرونهم أنهم تعرضوا لمقلب الكاميرا الخفية؟ وما أدراك ما مقالب الكاميرا الخفية العربية بصفة عامة!! قد يعتقد البعض أنني لا أمتلك روح الدعابة وأنني رجل متجهم من العصر الحجري. لكنني أدحض هذه التهمة بقولي أن الكثيرين من قرائي يعتبرونني "كاتبا ساخرا" بشكل من الأشكال. وهذا يتعارض طبعا مع ثقل الدم، إن لم يكن للبعض الآخر رأي آخر. لكن الكاميرا الخفية التي أشاهد تعتمد على فكرة واحدة لا أثر للمرح فيها وهي: سنثير أعصابك حتى آخر رمق، حتى يستمتع المشاهدون برؤيتك وأنت تظهر كل ما تملك من ألفاظ نابية وتصرفات وحشية. باختصار، إنهم يوقظون الوحش الراقد بكل واحد منا عن طريق استفزاز الأعصاب. وفي الأخير، وببرودة دم بالغة، وبروح فكاهة منقطعة النظير، يأتي المقدم أو المذيع ليمد إليك يده بالتحية ويقول لك: إبتسم ياعم، إنها الكاميرا الخفية. وطبعا لا ينسى أن يكمل المشهد بضمة ودية لتخفيف الجرح كأن حرق الأعصاب هو تسلية ما بعدها تسلية. الكاميرا الخفية التي لا تكون في الأخير مضحكة ومسلية للطرفين: ال

اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق

شخصيا اشتقت إلى وجوهكم اللطيفة، المستبشرة دوما وأبدا. لا أدري بالضبط أين اختفيتم. يبدو أن الكراسي التي جلستم عليها كانت تمتلأ بمادة لاصقة، فعجزتم عن النهوض وزيارتنا ثانية.. خسارة! كانت أيام الانتخابات أياما زاهرة نتذكرها بحنين شديد، أياما رأيناكم فيها رأي العين كل دقيقة بل كل ثانية. بعضنا لم يصدق الأمر ففقد الوعي من فرط الوله، والبعض الآخر جمع كل ما في منزله من أوراق كي توقعوا عليها كي يحتفظ بذكري تلك الأيام الجميلة ليس إلا! طرقتم أبواب منازلنا صباحا و مساء، وفي منتصف الليل أيضا، فقط كي تعانقونا وتذكروننا بحبكم لنا. وقد اعترفنا لكم أننا أيضا نحبكم. فكل ممنوع مرغوب، ونحن كنا ممنوعين عن رؤيتكم لسنوات طوال عجاف، لذا كنا نعتبر رؤية وجوهكم فتحا عظيما وكنا نتبرك بها ونرجو الله أن يسامحكم على تعذيبكم لنا بحبكم الشديد. فالحب كما الكراهية.. قد يعذب صاحبه بشدة. وهذا ما فعلتموه بنا!! أغتنم الفرصة كي أشكركم على ما بذلتموه من أجلنا وعلى سهركم الطويل و جولاتكم التي لم تكن تتوقف لبيوتنا وأحيائنا، فقط كي تحضنونا وتسألوننا ماذا نريد وكيف نريده؟ طلبنا منكم مئات الأشياء و عرضنا عليكم آلاف الأمنيات التي و

البوليبار

يقترب شاب ذو شعر مليء بالمرهم من فتاة تحاول الفرار من زحمة المرور و ينطق بكلمات ما قرب أذنها وينتظر ردة فعلها. تتجاوزه الفتاة بخطوات سريعة دون أن ترد أو تلتفت فيحمر وجهه خجلا و غضبا خصوصا أن رفاقه كانوا يراقبون الموقف. يطلق سبابا بذيئا و يلعن شخصا ما ثم يعود إلى جمع أصدقائه بابتسامة خجلي يحاول قد الإمكان أن يجعلها واثقة. في بوليبار طنجة (أو البولفار كما يحلو للبعض أن ينطقه)) يبتدئ الصيد البري المحموم، كل بطريقته: الرجال بإلحاح و بفظاظة والنساء بغنج ودلال. الكل يصطاد. خصوصا يومي السبت و الأحد حيث يتحول البولبيار إلى كرنفال أزياء حقيقي. البوليبار لم يعد مكانا للتسوق أو الترويح عن النفس كما كان من قبل. أنظر إلى العيون و ستتأكد بنفسك. الكل تائه و يبحث عن شيء ما. ما هو هذا الشيء؟ لا أحد يعلم للأسف.. لكنه ليس شيئا محمودا بالتأكيد. البوليبار مكان للتلصص و تتبع عورات الآخرين. إجلس في أي مقهى على الشارع و ستعود بقصص مبهجة إلى الحي: فلانة ركبت مع فلان، و علانة رأيتها مع علان.. و قصص أخرى لا تنتهي. هناك مقاهي استغلت فرصة إغلاق بعض المحلات مؤقتا و قامت بوضع مزيد من الكراسي على طول الرصيف. تعرف أنه

مدينة كان اسمها ... طنجة

صورة
لأول مرة أفكر في مغادرة طنجة. لم تخطر في بالي مثل هذه الفكرة منذ أدركت أنني موجود، لكنني مؤخرا أشعر أن المدينة بدأت تلبس لباسا آخر غير الذي عهدتها به. تغيرت طنجة كثيرا في السنوات الأخيرة و أصبحت أشبه بغول لا يرحم وبدأت المادية تطغى على الجميع دون استثناء. الآن إن أردت أن تستمتع قليلا بما تبقى من طنجة القديمة فعليك بزيارة الجبل الكبير و الرميلات، و بعض المناطق في مرشان. غير هذا، فالمدينة أصبحت تشبه أي مدينة أخرى من حيث السعار العقاري والهيجان المادي المهووس. ماكنت أحبه في مدينتي هو ذلك الهدوء الأبدي الذي لا يكدر صفوه شيء: ذلك الهدوء الذي يمنحك النشاط حتى وأنت جالس في مقهى الحافة تتأمل البحر وتسخر من طريفة لأنها تعتقد أنها قد تنافس طنجة. أهل المدينة أيضا أصيبوا بعدوى الفلوس وأصبحوا أيضا يتحدثون عن الدراهم ليل نهار. أراض تباع وتشترى. رجال ونساء يعملون في أي مكان و في أي وقت دون أي ضابط مهني أو أخلاقي. كل ما يريدونه هو المال، ثم ليأت الطوفان بعدها. أين طنجة التي كان سائق سيارة الأجرة يبتسم لك في ود ويقول لك "نهار آخور آلخاوا" عندما تكتشف فجأة أنك نسيت محفظتك في البيت. أين طنجة ال

في البستان.. شوك قبيح

أعتقد أننا جميعا رددنا في طفولتنا التعليمية هذا المقطع الإنشادي: في البستان.. زهر جميل.. عليه فراش.. يرقص ويطير. و لا أدري إن كان الذين سهروا على إعداد هذه المقررات لنا جادين أم أنهم كانوا من المازحين. والسبب أننا بمجرد ما كنا نخرج من المدرسة لم نكن نجد لا البستان ولا الزهر ولا الفراش. بل كنا نجد أنفسنا في باحة استراحة بأرضية إسمنتية خشنة تصر على إرسالنا إلى بيوتنا بركبة ومرفق مزينين باللون الأحمر. ف"الدواء الأحمر" أي "الميكروكروم" كما تعلمون كان هو كل رأسمال صيدلية المدرسة، وكان فيه علاج لكل الأمراض، مثل الحبة السوداء تقريبا. وبعد أن نخرج من المدرسة نجد أناسا يبيعون لنا مجموعات خاصة من الميكروبات والفيروسات، المفروض أن اسمها كان هو "كالنطي" و"الشامية".( أكلات شعبية من مدينة طنجة). تقرأ عن كمال الولد المجتهد النظيف الذي يحبه أستاذه لأنه مجد وخلص والذي ينبغي أن تكون مثله، بينما ينهال القدح على أحمد الولد البشع الذي لا يمشط شعره وينقل من زملائه ويلطخ دفاترهم بالمداد ظلما وعدوانا. طبعا - والعهدة على كتاب "قراءتي" - يصبح كمال دكتورا مبتسما

قالوها في الإنترنت

قبل بضع سنوات، انتشرت في طنجة إشاعة عن أن امرأة ولدت ثعبانا في مستشفى محمد الخامس. بعد ثلاثة أيام كان الثعبان قد أصبح تنينا، وكانت الوفود الرسمية من نساء الحي تزور المستشفى تباعا لتشاهد كيف يبدو التنين على أرض الواقع !! لكنهن للأسف كن يحبطن بعد أن يكتشفن أن الأمر مجرد إشاعة.. وكم كن يتمنين لو لم تكن كذلك. وقبل ثلاث سنوات بالضبط، أعد متحذلق ما صفحة على الإنترنت تحوي قصة مبهجة عن أن تسونامي عنيف سيضرب السواحل المغربية، ثم قام بإرساله إلى عدد من المجموعات البريدية الإلكترونية. طبعا، القصة لا تنطلي على طفل صغير، لكن صاحبها اجتهد ما أمكن ليجعلها تبدو قابلة للتصديق. فحسب الصفحة التي نشر بها الخبر، فإن تسونامي الذي سيحدث سببه مجموعة من النيازك التي تمر بمحاذاة الأرض، لكن أحدها سيشعر بالملل وسيقرر تغيير مساره ليرتمي في المحيط الأطلسي من أجل أخذ حمام بارد. ولم ينس المؤلف أن يضيف البهارات الضرورية لهكذا قصة: وكالة نازا، إحداثيات سقوط النيزك، البرتغال التي سيضربها التسونامي أيضا... إلخ. كلنا نعرف هذه الحيل. استعمل كلمة أو كلمتين علميتين، أضف إلى القصة مصدرا موثوقا، أحشر بضع كلمات معقدة على غرار&q

أحاسيس شرقية

قصتنا مع الشرقي في طنجة غريبة وممتعة. نكرهه ونحبه. يغطينا رمالا، ويعرينا جهارا. يشعر الطنجاوي - ويا للغرابة - بقدوم الشرقي حتى قبل أن تنطلق زوابعه. هناك تغير في المزاج وحـــــّدة في القول، هناك رغبة في النوم طوال اليوم. أعراض غريبة لو عرضتها على أي طبيب أجنبي لنصحك بالباراسيتامول على الفور، أو واحدا من أبناء عائلته على الأقل. عائلة الباراسيتامول أقصد. لكن، لو زرت طبيبا طنجاويا، فسيدرك الأعراض عى الفور ويبتسم لك قائلا: حاول فقط ألا تضع بقربك الأدوات الحادة وسيكون كل شيء على مايرام.. إنه الشرقي! نعم إنه الشرقي، الذي كانت تهوي بسببه شلالات الدموع من عيوننا أيام الطفولة لأنه يحرمنا من الذهاب إلى الشاطئ. الشرقي يعني الراية السوداء، والراية السوداء تعني لا للسباحة، على الأقل بالنسبة للوالدين. أما بالنسبة لنا، فما كان ليردعنا الشرقي ولا إعصار تورنادو. البحر أولا وبعدها مرحبا بتسونامي. في شوارعنا الشعبية يتسلى الشرقي كثيرا بتغطية رؤوسنا بالرمال والقاذورات و الأوراق الممزقة، المحترق بعضها. لا أدري بالضبط من يرمي هذه الأوراق التي احترق نصفها. دائما عندما يأتي الشرقي وتلتصق ورقة ما بشعرك المليء ب