المشاركات

عرض المشاركات من 2010

ساحة الأمم... الثقافية

في زيارة صيفية قصيرة لمدينة بروكسيل البلجيكية وجدت أن ساحة La grande place بالمدينة تتحول إلى مهرجان تلقائي لعدد من الطلبة أو المبدعين في عدد من المجالات الفنية والثقافية، وكل واحد يغني على ليلاه.. الموسيقيون، وأغلبهم من أوروبا الشرقية، يمسكون بآلاتهم ويحاولون ما أمكن أن يطربوا الواقفين.. من راقه الأمر فليقدم بين يديهم بضعة أوروات و من شعر بالملل فلينصرف.. هناك شخص مصبوغ بالأبيض بكامله ولديه موهبة التيبس كي يبدو كتمثال. تريده أن يتحرك؟ ضع أورو في يده وسيمن عليك بحركة خفيفة ثم يتوقف في انتظار أورو جديد.. وهكذا. على بعد خطوات فقط، تجد رساما مبدعا يرسم لك بورتريه بقلم الرصاص في دقائق معدودة.. كي تجد ما تعلقه في غرفتك كذكرى ذات قيمة حقيقة. و مازال في جعبة الحاوي الكثير والكثير. كل هذه العروض تجد شبيها لها في ساحة "الرامبلا" ببرشلونة وفي ساحة المدينة بمدينة أنتويرب البلجيكية والتي لا أذكر اسمها بصراحة. طيب، ما علاقة كل هذا بطنجة؟ علاقته أن بمدينة طنجة ساحة رائعة مناسبة لمهرجان ثقافي دائم، أو صيفي على الأقل، يشبه ما يوجد في المدن التي ذكرت.. يمكن لمبدعي المدينة أن يعرضوا فيه مواه

وا حسرتــــــــاه

موضوع اليوم له رائحة مختلفة نوعا ما، وقد نبهني إليه أحد الإخوة وطلب مني – بإلحاح – أن أكتب عنه، لأنه موضوع "مصيري" ويهم كل طنجاوي بلا استثناء. أما الموضوع فهو المراحيض العمومية – حاشاكم- التي اختفت من المدينة التي كانت توجد بها ثلاث أماكن مخصصة لهذا الغرض على الأقل عندما كان عدد سكان طنجة يصل بالكاد لخمس عدد سكانها الآن. والآن بعد أن تضاعف العدد مرات ومرات تم إقفال ما كان موجودا وإلغاء التفكير في إيجاد بدائل أخرى. ليست المسألة ترفا كما قد تبدو للبعض.. فما نتحدث عنه هو حاجة بيولوجية بشرية لا غنى عنها، بل إن الكثيرين يجزمون أن سبب فشل طنجة في احتضان المعرض الدولي راجع إلى كون اللجنة التي زارت المدينة تحركت أمعاء أعضائها فجأة فلم يجدوا ماء فتيمموا بصعيد المقاهي.. وما كان هذا ليبشر بخير. ولعل ما يجعل هذه المشكلة – رغم عظمها – مستورة ولا يطرحها أحد، هو أننا تعودنا أن نقضي الغرض في مراحيض المقاهي، وكلما سمع أحدنا نداء البطن أو المثانة إلا وتوجه إلى أقرب مقهى ودخل يقدم رجلا و يؤخر أخرى حتى لا يشاهده النادل فيدخل في عراك هو في غنى عنه في تلك اللحظة تماما. لكن مقاهي طنجة

شي حاجة زايدة

Esper هي اللفظة العلمية لكل من يمتلك موهبة عقلية نادرة ، ترجمتها لفظة بلفظة هي: الإدراك العقلي فائق الحس.. وهو أمر لا يتوفر للجميع، ولا يهمنا منه سوى موهبة خاصة ومحددة هنا وهي: قراءة الأفكار. هذه الموهبة التي تكتسبها قلة نادرة من الأشخاص حول العالم، ويقولون أنها تكون ناتجة عن حادثة أو صدمة، حيث يقوم المخ بالاستعانة بوظائف إضافية لحماية الجسد.. بعد ذلك، ترافق تلك الوظيفة العقلية، التي استدعاها المخ احتياطا، صاحبها إلى القبر. الآن، سنتخيل أننا نمتلك هذه الموهبة ونذهب جميعا، مثنى مثنى، لنتجول في شوارع طنجة كتلاميذ عقلاء لنقرأ أفكار البعض ونعرف ما يقال، وماكان ينبغي أن يقال، وما لا يمكن أن يقال. تعالوا الآن لنراقب هذا الشاب في المقهى هناك.. يبدو واثقا جدا من نفسه وهو ينفث دخان سيجارته بوقاحة في وجه مرافقته بالضبط.. هي تبدو مستمتعة بالأمر لأنها واحدة من المهارات المطلوبة في البوي فراند لسنة 2010.. يقترب منهما النادل، فيشير الشاب بيده بمزيد من الثقة طالبا من النادل أن يسأل الفتاة ماذا تطلب.. ladies first.. ياله من رجل متحضر.. الآن، نبدا باستخدام مهارتنا الجديدة و نقرأ أفكار ال

S.M.S

إتصل الآن.. Call Now.. أو أرسل رسالة إس إم إس.. الرقم المتراقص هناك يدعوك إلى التورط المحبب/الكريه. الأمر بسيط ولا يتطلب منك الكثير. لاتكن كسولا واتجه إلى أقرب مخدع هاتفي واقتن بطاقة التعبئة و أرسل لنا الإجابة. كلنا ننتظر بلهفة تلك اللحظة التي تضغط فيها زر ” أرسل”. لأننا، على عكس ما تتخيل، نريدك أن تفوز بالملايين التي وعدناك بها. السؤال كما ترى لا يعرف إجابته غيرك. المفروض أن يكون سهلا، لكننا لا نريد أن نخدعك. نريد للأذكياء و النبهاء فقط أن يفووزا معنا.. وأنت واحد منهم. تأمل السؤال وتخيل كم من المشاركين لن يعرفوا الإجابة. لا تفكر فيمن سيجيبون إجابة صحيحة.. أنظر فقط إلى النصف الممتلئ من الكأس وكن متفائلا. على الأرجح، أنت الوحيد الذي سيكون موفقا في الإجابة وستتحقق كل أحلامك بضغطة زر. في الواقع، ضغطة واحدة غير كافية، إجعلها أربعة أو خمسة. وإن كنت مصرا على الفوز – كما هو واضح من خلال ملامحك – فأرسل مئات الإس إم إس وانتظر اتصالنا الذي سيأتيك ذات نوم. أروع المفاجآت تأتي لمن ينامون كثيرا ويقومون في الثانية زوالا بعيون منتفخة. ماهي وسيلة المواصلات التي تسير فوق سكة حديدية، والتي تبدأ بحرف القا

صدور كتاب "هيا إلى النجاح" عن دار طويق للنشر والتوزيع بالسعودية

صورة

إذا عطاك العاطي.... !!

- إلا عطاك العاطي.. ما تحرث ماتواطي. ( إذا أعطاك الرزاق.. لا داعي للحرث و لا للتوطئة) هذا ما قاله بعض أجدادنا عندما كانوا يجدون أن الجلوس تحت ظل شجرة الزيتون أفضل بكثير وأكثر راحة من الحرث وتوطئة الأرض، وهو عمل شاق جدا كما تعلمون. كذبة أخرى كانوا يدغدغون بها أنفسهم حتى حين. طبيعة النفس البشرية الميالة للدعة والراحة تبحث لهم عن المبررات والأعذار كي يستبدلوا العمل بعود السبسي والثرثرة. إنه التواكل في أبشع صوره، والمصيبة أننا نبرره بحكمة تتوارثها الأجيال مع تغييرات بسيطة في المتن. هكذا، عندما تزامن سن الشباب والجنون لدينا مع ثورة الإنترنت والهواتف المحمولة كان لابد أن ننقل الحكمة إلى مستويات أعلى كي تناسب التقدم التكنولوجي، هكذا تفتقت عبقريتنا عن حكمة جديدة وهي: - إلا عطاك العاطي.. ما تبيبي ماتشاطي. ( إذا أعطاك الرزاق.. فلا داعي لأن ترن ولا تدردش) متى كنا نردد هذه الحكمة؟ عندما نشاهد فتاة ما تتأبط ذراع أحد الأصدقاء في البوليبار بينما نحن لا نكف عن الرنات الهاتفية والدردشة دون أن يكون لنا نصيب من مشهد كهذا نفتخر به السنة كلها. والمصيبة أنها في أغلب الحالات كانت تكون جميلة، وه

أقـــــــدار - قصة قصيرة

مدينة طنجة، الساعة الثانية زوالا – يوليو 2005: لم يكن هناك سوى التعب و بعض ألم في الجانب الأيسر من ظهره. لم تفلح محاولات زوجته اليائسة في إنهائها بالتدليك منذ شهور. يدها حانية لكنها لم تغير شيئا. العرق يجعله يكره كل شيء في هذا العالم بما في ذلك تلك المحفظة الثقيلة التي بدأ مؤخرا يعلقها في كتفه الأيمن تجنبا لازدياد الألم. هذه هي المرة الألف بعد المليون التي يفكر فيها برمي كل ماحوته من رسائل في أقرب بالوعة، لكنه يستفيق من أحلام يقظته و هو يرمي مظروفا جديدا تحت باب حديدي آخر. - عبد الحميد العيساوي، حي السعادة – زنقة 10 – طنجة. قرأ العنوان و قلب المظروف في يديه في تعاسة و رفع رأسه كي يتأكد من الرقم مجددا ثم رماه في تلك الفتحة الصغيرة السفلى وواصل عمله. فقط كانت هناك فكرة صغيرة تدور في رأسه مرة أخرى: ماذا لو رمى كل هذه الأثقال في أقرب بالوعة؟ ****** مدينة طنجة، الساعة الثالثة والنصف عصرا من نفس اليوم : هناك أطفال وأطفال..هناك أطفال أشقياء .. وهناك أطفال مزعجون .. وهناك أطفال كسالى.. و هناك ( مراد)، الطفل الذو السنوات الثمانية..و هو الجهبذ الوحيد الذي استطاع أن يجمع كل هذه المواهب بل أكثر. ن

القنــــــاص - قصة قصيرة

القناص رجل صعب المراس. القناص رجل يطبق كتيب التعليمات بدقة. القناص رجل ينهض باكرا. نعم، هو يحب النوم لأنه يزيد في وسامته. لكنه يدرك أن المهمة التي تنتظره دائما لا ترحم أصحابها. يجب أن تكون جاهزا في مواسم الصيد و في ساعاته المناسبة. عدا هذا، سيعيّرك الآخرون بالتأكيد و يسخروا منك. اليوم، كعادته، استيقظ في السابعة و النصف صباحا. في الثامنة بالضبط كان يجهز عدة الصيد. بعد نصف ساعة، قبل أن يغادر، نظر إلى المرآة و ابتسم ابتسامة رجل راض عن نفسه. هاهو ذا مكانه الذي يعشقه ينتظره. علاقة ود غريبة ولدت بينه و بين هذا المكان. فيه يمارس هوايته التي تحولت إلى حرفة. قلما يخطئ فرائسه من هنا. قلما تخطئ شباكه التي ينصبها ببراعة. طلب قهوته الصباحية و احتساها بكل تلذذ. للقهوة أثرها الفعال جدا في مهمته التي لا يمكن أن تمارسها إلا بنشاط و حيوية. هاهي ذي ضحيته قادمة في الموعد بالضبط. لقد راقبها لثلاثة أيام. ** ** ** النصيحة الأولى في كتيب التعليمات : أهم ما ينبغي أن يميز الضحية، أي ضحية: الضــــعف. ... القناص، بخبرته، عرف أنها ضعيفة، مهزوزة. باختصار، هي تحتاج إليه. قبل أن تمر أمامه بحوالي عشرين مترا تقريبا بدأ

القاهرة.. مرة أخرى

القاهرة من جديد. مدينة الألف مئذنة. أشعر بالغربة هذه المرة. الحنين قاس كطفل أخرق يشد أذنك. فندق الأربع نجوم والمسبح و كرة الطاولة و كل هؤلاء الأصدقاء لم ينجحوا في قتل ذلك الشعور الممض بأن الوطن بعيد فعلا. من الذي قال أن الوطن هو أم تلقمك ثديها، فبمجرد ما تبتعد عنه تبدأ بالبكاء؟ فعلا لا أذكر. "" بسرواله المتهدل دائما يأتي حجازي ليقول لي شيئا ما بلهجته المصرية المحببة جدا فيوقظني من تفكيري. أنفض كل أفكار الاغتراب عن ذهني لأصحو من جديد. درويش يسبح يوميا حتى أخشى أن أجده يوما بزعانف طويلة كأي سمكة تحترم نفسها. -هيا لنصلي الظهر. يقولها حاتم فننهض متثاقلين . ظهيرة رمضان ليست مبهجة إلى تلك الدرجة إن لم يكن لديك ما تفعله. أمسك رواية للدكتور أحمد خالد و أبدأ القراءة وأنا أتململ في فراشي. أحيانا ينتابني هذا الشعور غير المريح بأن شيئا ما ليس على ما يرام و لا أدري سره و لا كنهه. التكييف بالفندق مدمر. لا يفعل شيئا سوى إصابتي بالبرد في كل مرة أشغله. في الأيام الأخيرة استغنيت عنه متحملا حرارة صحراء مدينة السادس من أكتوبر حيث نقيم. أفتح النافذة و أطل على حديقة الفندق حيث أشجار النخيل التي تذ

سارع سارع.. أنت البارع

صدق من قال أن هذا العصر هو عصر السرعة عن جدارة. لكن السرعة تختلف من مكان إلى مكان، وتختلف بالتالي أسبابها ونتائجها. ففي الوقت الذي تتجلى فيه السرعة في الغرب في كل ماهو مفيد من قطارات عالية السرعة وصواريخ تخترق الغلاف الجوي في ثوان إلى محاولات لتجرية الانتقال الآني، كي تصبح عملية التنقل من طنجة إلى نيويورك مثلا تتم في ثانية واحدة عن طريق نقل ذرات الجسد من مكان إلى مكان قبل أن يرتد إلى أحدنا طرفه. نعود من نيويورك على وجه السرعة إلى طنجتنا العزيزة لنسأل أنفسنا: لماذا نسرع في طنجة؟ هنا، نسرع كي لا يسبقنا أحد إلى التاكسي الصغير، حتى لو كان الشارع خاليا تماما ولا يوجد منافس. يتوقف التاكسي على بعد أمتار فنعدو نحوه محطمين رقم الجامايكي "بولت" في مسافة 100 متر. وإن تقدم أحد وسألنا لماذا نجري فسنكتفي بنظرة حائرة كجواب.. "والله ما نعرف"! هنا نسرع بسياراتنا لنتجاوز الآخرين الأوغاد الذين خرجوا من بيوتهم فقط كي يسبقونا. إلى أين؟ لا أحد يعلم للأسف الشديد. في الغالب، سنصطف جميعا أمام إشارة المرور الحمراء ويصبح أولا عبد الواحد كلهم واحد. (ماشي عبد الواحد استيتو طبعا!). هنا نتسابق عل

السمفونية الطنجاوية

هناك سمفونيات وسمفونيات... هناك سمفونيات بيتهوفن الممتعة، وهناك سمفونيات موتزارت الحالمة... وهناك سمفونية طنجاوية لا تسمع بها إلا في طنجة، وخصوصا في فصل الصيف. وخصوصا خصوصا ليلا. تبدأ السمفونية الأولى عندما تضع رأسك على الوسادة متوكلا على الله محاولا أن تنظف قلبك مما علق به من أضغان على بقال الحي، وعلى جارك الذي مر أمامك دون أن يسلم عليك. محاولا ما أمكن أن تلقى الله بقلب سليم إن أمسك روحك وأنت نائم. تبدأ السمفونية بجوق يجرب آلاته قبل أن يبدأ ليلته الساهرة، الجوق الذي يحيي ليلة عرس في الحي الذي يقابلك، لكنه يبدو وكأنه يطبل فوق أذنيك بالضبط. تنظر حولك لتتأكد أن الجوق لم يأت فعلا لغرفتك ليبدأ أغنيته الأولى فلا تجد شيئا.. شكون اللي عراف؟ فالعراسات د الصيف كلشي ممكن. وتمر الساعة تلو الساعة وأنت تتقلب في فراسك وتعلم أن النوم مستحيل فعلا وسط هذه السمفونية الممتعة خصوصا مع الصوت الرائع للمطرب "حالامبوكو" (مين كايجيبو هاد الأسماء؟).. يبدأها بأم كلثوم ويكملها بالشاب بلال والغرامات تتهاوى عليه كالمطر كأنه عبد الوهاب زمانه بينما الفرق بين صوته وصوت السعال لايكاد يذكر. أخيرا، بعد ليلة طوي

فلنضحك جميعا

بحيرة بالغة أشاهد برامج الكاميرا الخفية وسؤال ملح يطاردني دائما وأبدا: ما الذي يجعل الآخرين يبتسمون ببلاهة عندما يخبرونهم أنهم تعرضوا لمقلب الكاميرا الخفية؟ وما أدراك ما مقالب الكاميرا الخفية العربية بصفة عامة!! قد يعتقد البعض أنني لا أمتلك روح الدعابة وأنني رجل متجهم من العصر الحجري. لكنني أدحض هذه التهمة بقولي أن الكثيرين من قرائي يعتبرونني "كاتبا ساخرا" بشكل من الأشكال. وهذا يتعارض طبعا مع ثقل الدم، إن لم يكن للبعض الآخر رأي آخر. لكن الكاميرا الخفية التي أشاهد تعتمد على فكرة واحدة لا أثر للمرح فيها وهي: سنثير أعصابك حتى آخر رمق، حتى يستمتع المشاهدون برؤيتك وأنت تظهر كل ما تملك من ألفاظ نابية وتصرفات وحشية. باختصار، إنهم يوقظون الوحش الراقد بكل واحد منا عن طريق استفزاز الأعصاب. وفي الأخير، وببرودة دم بالغة، وبروح فكاهة منقطعة النظير، يأتي المقدم أو المذيع ليمد إليك يده بالتحية ويقول لك: إبتسم ياعم، إنها الكاميرا الخفية. وطبعا لا ينسى أن يكمل المشهد بضمة ودية لتخفيف الجرح كأن حرق الأعصاب هو تسلية ما بعدها تسلية. الكاميرا الخفية التي لا تكون في الأخير مضحكة ومسلية للطرفين: ال

اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق

شخصيا اشتقت إلى وجوهكم اللطيفة، المستبشرة دوما وأبدا. لا أدري بالضبط أين اختفيتم. يبدو أن الكراسي التي جلستم عليها كانت تمتلأ بمادة لاصقة، فعجزتم عن النهوض وزيارتنا ثانية.. خسارة! كانت أيام الانتخابات أياما زاهرة نتذكرها بحنين شديد، أياما رأيناكم فيها رأي العين كل دقيقة بل كل ثانية. بعضنا لم يصدق الأمر ففقد الوعي من فرط الوله، والبعض الآخر جمع كل ما في منزله من أوراق كي توقعوا عليها كي يحتفظ بذكري تلك الأيام الجميلة ليس إلا! طرقتم أبواب منازلنا صباحا و مساء، وفي منتصف الليل أيضا، فقط كي تعانقونا وتذكروننا بحبكم لنا. وقد اعترفنا لكم أننا أيضا نحبكم. فكل ممنوع مرغوب، ونحن كنا ممنوعين عن رؤيتكم لسنوات طوال عجاف، لذا كنا نعتبر رؤية وجوهكم فتحا عظيما وكنا نتبرك بها ونرجو الله أن يسامحكم على تعذيبكم لنا بحبكم الشديد. فالحب كما الكراهية.. قد يعذب صاحبه بشدة. وهذا ما فعلتموه بنا!! أغتنم الفرصة كي أشكركم على ما بذلتموه من أجلنا وعلى سهركم الطويل و جولاتكم التي لم تكن تتوقف لبيوتنا وأحيائنا، فقط كي تحضنونا وتسألوننا ماذا نريد وكيف نريده؟ طلبنا منكم مئات الأشياء و عرضنا عليكم آلاف الأمنيات التي و

البوليبار

يقترب شاب ذو شعر مليء بالمرهم من فتاة تحاول الفرار من زحمة المرور و ينطق بكلمات ما قرب أذنها وينتظر ردة فعلها. تتجاوزه الفتاة بخطوات سريعة دون أن ترد أو تلتفت فيحمر وجهه خجلا و غضبا خصوصا أن رفاقه كانوا يراقبون الموقف. يطلق سبابا بذيئا و يلعن شخصا ما ثم يعود إلى جمع أصدقائه بابتسامة خجلي يحاول قد الإمكان أن يجعلها واثقة. في بوليبار طنجة (أو البولفار كما يحلو للبعض أن ينطقه)) يبتدئ الصيد البري المحموم، كل بطريقته: الرجال بإلحاح و بفظاظة والنساء بغنج ودلال. الكل يصطاد. خصوصا يومي السبت و الأحد حيث يتحول البولبيار إلى كرنفال أزياء حقيقي. البوليبار لم يعد مكانا للتسوق أو الترويح عن النفس كما كان من قبل. أنظر إلى العيون و ستتأكد بنفسك. الكل تائه و يبحث عن شيء ما. ما هو هذا الشيء؟ لا أحد يعلم للأسف.. لكنه ليس شيئا محمودا بالتأكيد. البوليبار مكان للتلصص و تتبع عورات الآخرين. إجلس في أي مقهى على الشارع و ستعود بقصص مبهجة إلى الحي: فلانة ركبت مع فلان، و علانة رأيتها مع علان.. و قصص أخرى لا تنتهي. هناك مقاهي استغلت فرصة إغلاق بعض المحلات مؤقتا و قامت بوضع مزيد من الكراسي على طول الرصيف. تعرف أنه

مدينة كان اسمها ... طنجة

صورة
لأول مرة أفكر في مغادرة طنجة. لم تخطر في بالي مثل هذه الفكرة منذ أدركت أنني موجود، لكنني مؤخرا أشعر أن المدينة بدأت تلبس لباسا آخر غير الذي عهدتها به. تغيرت طنجة كثيرا في السنوات الأخيرة و أصبحت أشبه بغول لا يرحم وبدأت المادية تطغى على الجميع دون استثناء. الآن إن أردت أن تستمتع قليلا بما تبقى من طنجة القديمة فعليك بزيارة الجبل الكبير و الرميلات، و بعض المناطق في مرشان. غير هذا، فالمدينة أصبحت تشبه أي مدينة أخرى من حيث السعار العقاري والهيجان المادي المهووس. ماكنت أحبه في مدينتي هو ذلك الهدوء الأبدي الذي لا يكدر صفوه شيء: ذلك الهدوء الذي يمنحك النشاط حتى وأنت جالس في مقهى الحافة تتأمل البحر وتسخر من طريفة لأنها تعتقد أنها قد تنافس طنجة. أهل المدينة أيضا أصيبوا بعدوى الفلوس وأصبحوا أيضا يتحدثون عن الدراهم ليل نهار. أراض تباع وتشترى. رجال ونساء يعملون في أي مكان و في أي وقت دون أي ضابط مهني أو أخلاقي. كل ما يريدونه هو المال، ثم ليأت الطوفان بعدها. أين طنجة التي كان سائق سيارة الأجرة يبتسم لك في ود ويقول لك "نهار آخور آلخاوا" عندما تكتشف فجأة أنك نسيت محفظتك في البيت. أين طنجة ال

في البستان.. شوك قبيح

أعتقد أننا جميعا رددنا في طفولتنا التعليمية هذا المقطع الإنشادي: في البستان.. زهر جميل.. عليه فراش.. يرقص ويطير. و لا أدري إن كان الذين سهروا على إعداد هذه المقررات لنا جادين أم أنهم كانوا من المازحين. والسبب أننا بمجرد ما كنا نخرج من المدرسة لم نكن نجد لا البستان ولا الزهر ولا الفراش. بل كنا نجد أنفسنا في باحة استراحة بأرضية إسمنتية خشنة تصر على إرسالنا إلى بيوتنا بركبة ومرفق مزينين باللون الأحمر. ف"الدواء الأحمر" أي "الميكروكروم" كما تعلمون كان هو كل رأسمال صيدلية المدرسة، وكان فيه علاج لكل الأمراض، مثل الحبة السوداء تقريبا. وبعد أن نخرج من المدرسة نجد أناسا يبيعون لنا مجموعات خاصة من الميكروبات والفيروسات، المفروض أن اسمها كان هو "كالنطي" و"الشامية".( أكلات شعبية من مدينة طنجة). تقرأ عن كمال الولد المجتهد النظيف الذي يحبه أستاذه لأنه مجد وخلص والذي ينبغي أن تكون مثله، بينما ينهال القدح على أحمد الولد البشع الذي لا يمشط شعره وينقل من زملائه ويلطخ دفاترهم بالمداد ظلما وعدوانا. طبعا - والعهدة على كتاب "قراءتي" - يصبح كمال دكتورا مبتسما

قالوها في الإنترنت

قبل بضع سنوات، انتشرت في طنجة إشاعة عن أن امرأة ولدت ثعبانا في مستشفى محمد الخامس. بعد ثلاثة أيام كان الثعبان قد أصبح تنينا، وكانت الوفود الرسمية من نساء الحي تزور المستشفى تباعا لتشاهد كيف يبدو التنين على أرض الواقع !! لكنهن للأسف كن يحبطن بعد أن يكتشفن أن الأمر مجرد إشاعة.. وكم كن يتمنين لو لم تكن كذلك. وقبل ثلاث سنوات بالضبط، أعد متحذلق ما صفحة على الإنترنت تحوي قصة مبهجة عن أن تسونامي عنيف سيضرب السواحل المغربية، ثم قام بإرساله إلى عدد من المجموعات البريدية الإلكترونية. طبعا، القصة لا تنطلي على طفل صغير، لكن صاحبها اجتهد ما أمكن ليجعلها تبدو قابلة للتصديق. فحسب الصفحة التي نشر بها الخبر، فإن تسونامي الذي سيحدث سببه مجموعة من النيازك التي تمر بمحاذاة الأرض، لكن أحدها سيشعر بالملل وسيقرر تغيير مساره ليرتمي في المحيط الأطلسي من أجل أخذ حمام بارد. ولم ينس المؤلف أن يضيف البهارات الضرورية لهكذا قصة: وكالة نازا، إحداثيات سقوط النيزك، البرتغال التي سيضربها التسونامي أيضا... إلخ. كلنا نعرف هذه الحيل. استعمل كلمة أو كلمتين علميتين، أضف إلى القصة مصدرا موثوقا، أحشر بضع كلمات معقدة على غرار&q

أحاسيس شرقية

قصتنا مع الشرقي في طنجة غريبة وممتعة. نكرهه ونحبه. يغطينا رمالا، ويعرينا جهارا. يشعر الطنجاوي - ويا للغرابة - بقدوم الشرقي حتى قبل أن تنطلق زوابعه. هناك تغير في المزاج وحـــــّدة في القول، هناك رغبة في النوم طوال اليوم. أعراض غريبة لو عرضتها على أي طبيب أجنبي لنصحك بالباراسيتامول على الفور، أو واحدا من أبناء عائلته على الأقل. عائلة الباراسيتامول أقصد. لكن، لو زرت طبيبا طنجاويا، فسيدرك الأعراض عى الفور ويبتسم لك قائلا: حاول فقط ألا تضع بقربك الأدوات الحادة وسيكون كل شيء على مايرام.. إنه الشرقي! نعم إنه الشرقي، الذي كانت تهوي بسببه شلالات الدموع من عيوننا أيام الطفولة لأنه يحرمنا من الذهاب إلى الشاطئ. الشرقي يعني الراية السوداء، والراية السوداء تعني لا للسباحة، على الأقل بالنسبة للوالدين. أما بالنسبة لنا، فما كان ليردعنا الشرقي ولا إعصار تورنادو. البحر أولا وبعدها مرحبا بتسونامي. في شوارعنا الشعبية يتسلى الشرقي كثيرا بتغطية رؤوسنا بالرمال والقاذورات و الأوراق الممزقة، المحترق بعضها. لا أدري بالضبط من يرمي هذه الأوراق التي احترق نصفها. دائما عندما يأتي الشرقي وتلتصق ورقة ما بشعرك المليء ب

غرندايزر .. إنطلق

عندما تحدثت يوماعن بائعة الكرافس ورئيس المقاطعة كنت أريد أن أصل إلى فكرة مفادها أننا نحن المواطنون أيضا لسنا ملائكة، وأننا نحمل من الشر في نفوسنا ما يساوي الشر الذي في نفوس المسؤولين الأعزاء. لكن، كان هناك شبه إجماع في ردود القراء على أن بائعة الكرافس – وهي هنا مجرد دلالة رمزية على المواطن البسيط طبعا – لا تأخذ أراضي أو دكاكين من أحد ولا تقاتل سوى من أجل قوت يومها، وكفي. بينما المنتخبون والأعضاء والرؤساء لم يكافحوا من أجل تلكم المناصب إلا لكي يستطيعوا أن يمصوا دم المواطن، فهو الهدف الأول و الأخير. فإن حيل بينهم وبينه قاموا باستغلال السلطة التي أتيحت لهم والامتيازات كي يمروا من القانون مرور الشعرة من العجين. المهم، لابد من ممارسة الشر في أعلى مستوياته، وهذا هو وجه الاختلاف بين مواطن بسيط أرغمته حياة قاسية على أن يخرج أظافره وأنيابه كي يستطيع أن يعيش، وبين مسؤول مترف يغرس الإبر في أعناق وأوردة المواطن ويقوم بمص دمائهم اللذيذة. الأول مسكين في كل الأحوال، والثاني معتدي في أغلب الأحوال. دائما لديه رغبة في الإيذاء على طول الخط.. إنهم يتصرفون كأنهم سيموتون إن لم يسرقوا.. وكأنهم في الوضعية الت

أنا... أنا... أنا

هناك مصيبة خطيرة تتجول بيننا قلما ننتبه لها إسمها العلمي هو: الميغالوثيميا. تعريبها هو: تضخم الإحساس بالذات. بدارجتنا الطنجاوية : التعنطيــــــزة. هناك أشخاص بيننا يعتقدون أنهم الأهم والأفضل والأرقى، دون حتى وجود سبب ما يجعلهم يظنون ذلك. بمعنى أن الشخص الذي لديه مركز مهم لو شعر بالتضخم فسنفهم تصرفه..أقول نفهمه، لا نعذره. لكن المصيبة هي أن أغلب الذين يعانون من هذا الداء هم من البسطاء الذين ترغمهم الحياة على التواجد في أماكن شعبية فتراهم يكادون يموتون غيظا وكأنه من المفروض أن يكونوا لوحدهم في أي مكان يذهبون إليه. ولا سبيل للفهم سوى بضرب الأمثال كالعادة، لذا دعونا نقترب من هذا الشخص الذي يقف قرب الطاكسي الكبير واقفا ينتظر. ينتظر من؟ ينتظر شخصا سادسا كي يكتمل النصاب وينطلق الطاكسي على بركة الله. لكن لماذا لم يدخل ويجلس في الكرسي كعباد الله؟ حسنا، لاداعي لاستباق الأحداث، فهذا الشخص بالتأكيد سينزل في محطة قريبة، وهو لا يريد أن يزعجك لذا سيتركك تدخل أولا وسيجلس هو قرب الباب كي تسهل عملية نزوله. الأمر منطقي؟ نعم، جدا. وكلنا نفعل هذا. لكن المفاجأة تحدث عندما يصل الطاكسي إلى آخر محطة وصاحبنا لم